التعريف بظروف تأسيس التنسيقية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان
تقــــديــــــم :
منذ نهاية القرن الماضي أرتكب النظام المغربي مجموعة من الانتهاكات الجسيمة للحقوق الإنسان على ساكنة هذه المنطقة المعنين أحرارها ومناضليها ومواطنيها بالدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها. وبإلقاء الضوء على حالات انتهاك حقوق الإنسان وعلى نهج هذه المبادئ أعلن مجموعة من نشطاء حقوق الإنسان ومجموعة من الفعاليات الحقوقية والمعتقلين السياسيين الصحراويين السابقين و عائلات مجموعة من المعتقلين السياسيين الصحراويين بمدينة طنطان جنوب المغرب منذ أواسط شهر نوفمبر2012 عـــن تكوين لجنة تحضيرية من أجل تأسيس إطار حقوقي صحراوي مستقل جديد(مقترح له إسم"التنسيقية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان"(CSDDH)، يهدف إلى إشاعة ثقافـــــة حقوق الإنسان بين المواطنين والدفاع عن هذه الحقوق وتوفير الحماية اللازمة للمدافعين عنــها.
وأيمانا منا بمبادئ حقوق الإنسان و الحريات العام المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و العهدين الدوليين لحقوق الإنسان الصادرين بتاريخ 1966 بحكم ما تتسم به هذه العهود من طابع عالمي وملزم لحماية حقوق الإنسان على الصعيد العالمي و التأكيد على حق الشعوب في تقرير المصير وإعتبارا للقرارات العديدة التي صادقت عليها الأمم المتحدة بشأن حق تقرير المصير للشعوب .
هذه السيرورة التي تتوج اليوم 10 دجنبر2012 بالجمع العام التأسيسي لهذا المولود الحقوقي الذي ينضاف ويعزز باقي أطياف ومكونات الحركة الحقوقية الديمقراطية المتجذرة في المدن والمداشر الصحراوية، والذي ينعقد بمدينة طنطان تحت شعار " من أجل الدفاع عن كرامة و حــقــــــوق الإنسان ".
أكيد أن التنظيمات الصحراوية الحقوقية الموجودة راكمت العديد من التجارب في مجال دعم حقوق الإنسان و ترسيــــخ مبــــــادئ الديمقراطية و ممارسة الحريات العامة.
ولكن سنتساءل حتما عن ماهية القيمة المضافة التي سيعطيها تأسيس هيئة حقوقية جديدة؟.. وهل مجتمعنا الصحراوي محصن بما فيه الكفاية ضد الانتهاكات اليومية لحقوق الإنسان؟
إن الحركة الحقوقية حققت تراكمات غنية وفاعلة في هذا المجال لا يمكن أن ينكرها سوى جاحد أو متحامل؛ ولكن مع ذلك وفي إطار التكامل والتعزيز المطلوب في هذا الحــــقــل المتعدد الفروع والمتشعب من حيث مجالات اشتغاله وتدخله، فإنه من المؤكد بأن هذا الحقل نفسه في حاجة ماسة إلى إطــــارات حقوقيـــــة أخرى تغني المشهد الحقوقي العام تفعل داخلـــــه وتتفاعل مع محيطها القريب والبعيد، وذلك كله نظرا للواقع الــــهش للوضــــع الحقـــوقـــــــــي وحـــــــــال الحريات وما يعرفانه من تأرجح بين التردي والتراجع وبين عدم تجــاوز سقف إعلان النوايا الرسمية من أجل الرقي والمضي قدما نحو مراتب متقدمة في هذا الباب.
إن التفكير في إطار حقوقي يستوعب هذه الخلاصات الأولية من منطلق تشخيص دقيق لمجمل التطورات الحقوقية الجارية على الميدان، ويوفر المناخ الملائم لمجموعة من الفعاليات التواقة إلى فعل حقوقي جاد ومسؤول يواصل المسيرة النضالية؛ هو رهان يستوجب بالتأكيد مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية على خلفية القناعة الراسخة التي تعتمد متون حقوق الإنسان في بعدها الشمولي..فما هوية ومبادئ هذا الإطار؟
* هويــة ومبادئ الإطار :
إن طبيعة المرحلة تقتضي بالضرورة إطارا حقوقيا صحراويا متميزا في تطوراته وأشكال أدائه إيمانا بالمبادئ التالية:
- الكونية
-الشمولية
-الإستقلالية
مبدأ الديمقراطية والشفافية : أصبح مبدأ الديمقراطية مرجعية أساسية للتعامل داخل الأجهزة التنظيمية مع اعتماد مبدأ التداول في تحمل المسؤوليات والتركيز على تشجيع جميع الطاقات لتحمل المسؤوليات.
مبدأ الحداثة: إن الإطار الجديد يستند في تعامله مع وضع حقوق الإنسان بشكل حداثي يعتمد المساواة و العدل بين جميع المواطنين الصحراويين ، ويستند إلى : قيم العقل والتنوير والعدالة الاجتماعيــــة والانفتاح على ثقافات الشعوب والمجتمعات.
* التزامات الإطار:
من بين العديد من الإلتزامات التي تطوق كاهل أي إطار حقوقي صحراوي والمدونة في لائحة أهدافه وفي قوانينه، فإنه ثمة إلتزامات عامة أساسية ومحورية نذكر منها أساسا ما يلي :
- الإسهام إلى جانب مختلف الهيئات و المنظمات والجمعيات ذات الإهتمام المشترك أو ذات الصلة في ترسيخ المبادئ الكونية لثقافة حقوق الإنسان .
- العمل من أجل ملائمة جميع القوانين المرتبطة بحقوق الإنسان بالمرجعية الدولية لهذه الحقوق .
- القيام بجميع الوسائل من أجل التحسيس والتوعية بهذه الحقوق والترافع بشأنها، ورصد وفضح جميع الإنتهاكات التي تطال الحريات والحقوق على حد سواء...إلخ.
* رهانات وإستشرافات :
إذا كانت الرهانات تتلخص في صيانة حقوق الإنسان ومناهضة كل أشكال الخرق والتجاوز، فإن اللحظة الراهنة تفرض على إطارنا ومنذ الآن الوعي العميق و الفعل الجاد لمواجهة التحديات التالية :
*تحديات مفاهيمية ونظرية.
تحديات قانونية من خلال اللجوء إلى الجزاءات القانونية الدولية وكذا آليات الحماية الدولية.
تحديات اقتصادية أي التصدي لعمليات النهب والسرقة المفضوحة التي تتعرض لها ثروات المنطقة والإستغلال الغير مشروع...الخ.
لرفع هذه التحديات وكسب الرهانات يتعين على الإطار تبني المسلك الديمقراطي الذي يستهدف إشراك الجميع في الرأي والقرار، مع الإقرار بالتداول على المسؤوليات وتوسيع هامش المبادرات، ومن منطلق رؤية حقوقية متقدمة تروم تقدم الإنسانية، والأخذ بعين الاعتبار المعرفة العلمية النقدية مع استحضار البعد الجماهيري لطبيعة النضال الحقوقي.. إذ من المفترض أن تمتلك عموم الجماهير ثقافة حقوق الإنسان لتدافع عن نفسها بنفسها دون الحاجة إلى وسائط أو وكلاء.
إن الرهانات طموحة بقدر كبير والتحديات قائمة بشكل عميق..لذا يتعين علينا جميعا في أفق ترسيخ فهم عميق لهوية الإطار الحقوقي وطبيعة اشتغاله إعمال آليات عمل كمـا يلي :
* خلق إطار مهيكل يحترم المحددات التنظيمية ويفعل القرارات ويتجاوب مع المتغيرات
* أخذ المسافة الزمنية الكافية، والتريث قبل أي تجاوب مع أي مستجد أو طارئ.
* عدم الحسم في أية مسألة أو معطى إلا بعد حصول الوضوح اللازم وتفعيل الآليات الديمقراطية.
* الإعتقاد بالحق في الإختلاف بالشكل الذي يسمح بتطور وجهات النظر وتنامي الأفكار
* تقوية الفكر بالنقاش المتبوع بالعمل بما يقتضيه ذلك من تضحيات، القيام بجميع الأبحاث و الدراسات لأجل ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان .
* العمل ميدانيا بجميع الأشكال للوقوف على واقع حقوق الإنسان بصفة عامة، وواقع بعض الفئات داخل المجتمع الصحراوي بصفة خاصة(معاناة الأطفال، المرأة..) عبر:
* فتح أوراش ميدانية من أجل التحسيس و التوعية و الرصد والترافع..الخ
* إصدار تقارير سنوية حول واقع حقوق الإنسان في شموليتها في المنطقة.
* تبادل التجارب والتعاون بين المنظمات الدولية و الهيئات الحقوقية من أجل تقوية و تمنيع حقوق الإنسان من الانتهاكات في حق الصحراويين...الخ
* على سبيل الختم:
إن الدعوة لتجديد النظر في مفهوم وممارسات حقوق الإنسان انسجاما مع التحول المتسارع الذي يشهده العالم ،والذي يقتضي مزيدا من الحيطة والحذر،ليست مجرد ترف نظري، وإنما هي ضرورة وجودية موجهة إلى الجميع وإغناء التجربة الحقوقية الصحراوية بصفة عامة..
0 التعليقات:
إرسال تعليق